معضلة القدس بين القومية والقدسية والاولويات الداخلية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمد الشاكرين في السراء والضراء وله الحمد على ما ابقى لنا من نعمة هي كالظلة لا تنالها ايدينا فتبددها او ان نسقطها فوق رءوسنا ..
اما بعد.
فقد قرع قلوبنا او بقى منها ما تناقلته الاخبار والالسن عن تصريح احمق البيت الابيض برتقالى المحيا ترامب ، ولست ادرى في الحقيقة فيما الصدمة؟ قد اعلن الرجل على رءوس الاشهاد منذ بداية حملته الانتخابية انه عازم على نقل سفارته لعاصمة الكيان الصهيوني المزعوم والمسمى زورا وعدوانا بإسرائيل الى مدينة القدس المقدسة والتي تقع بدورها لمن لا يعلم داخل اراضي فلسطين الحبيبة ..
لكننا و يا للعجب صعقنا بهذا القرار الذى كان قد اتخذه الكونجرس الامريكي منذ منتصف تسعينيات القرن المنصرم .. ورغم ذلك فاجأنا الامر بشكل يدعو للإستغراب .. وكانه ارم لم يقرع اسماعنا المرهفة ارهاصاته منذ امد بعيد .. لكن دعنا من تلك القضية على اهميتها لكنها ليست موضوعنا فى الوقت الراهن ..
القضية الحقيقية التي لفتت انتباهي هي توصيف القدس نفسها عند كل من عارض القرار وقد سمعت لها نعوتا لم يسمع التاريخ لها مثيلا من قبل.
فيخرج علينا من يدافع عن القدس العربية وذاك الذى يؤازر القدس الفلسطينية وغيره الذى ينادى بقدس اسلامية .. حتى لم يعد احد يجزم للقدس بهويه محددة ..يراها القوميون قضية عربية ويراها غيرهم قضية دينية اسلامية او مسيحية لما لها من قيمة فى الديانات الثلاث وما حوته من مقدساتها ،حتى انى سمعت بمن ينادى بالقدس للإنسانية كلها .. اذن فما يضير هذا او ذاك في حق ضاع ولم يكن يوما له؟
تعمدنا ان ننسى التاريخ ..نعم نسيناه عمدا . حوى التاريخ بين صفحاته صفحة مضيئة تحكى قصة العهدة العمرية والتي وضعت القدس في نصابها الصحيح بلا لبس ولا التباس .
القدس مدينة هي في الحقيقة وقف للديانات الثلاث لكنها كملكية وسيادة لا تخص سوى العرب المسلمين دون غيرهم ولا ينازعهم في هذا منازع لكن مع الاخذ في الاعتبار مقدسات الديانات الاخرى التي لا مساس بها ..
والتي لم تمس عبر خمسة عشر قرنا من الزمان او ما يقرب من ذلك الا على يد الصهاينة . ولست اقصد فقط احراق المسجد الاقصى والعالم الاسلامي يغط في نوم عميق ،لا .. بل لقد اعتدت القوات الصهيونية على كنيسه المهد بالدبابات وهى اقدس مقدسات المسيحية قاطبة على وجه الارض وهدموا احد جدرانها وحاصروها ولم يحرك الغرب المسيحي ساكنا ..
ولن نتساءل كثيرا هنا عن سبب سكوت المسيحيين عن هذا العدوان على مقدساتهم .. حتى نثبت او بالاحرى نتثبت من هوية القدس التاريخية (والقانونية) فنعود الى نص الوثيقة التي يدور عليها الامر كله والتي سلم بموجبها اهل القدس المدينة للمسلمين وهذا نصها كما ورد...
"بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبد الله أمير المؤمنين عمر، أهل إيليا من الأمان، أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم ولصلبانهم ومقيمها وبريئها وسائر ملتها، إنها لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حدها ولا من صلبانهم، ولا شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيليا معهم أحد من اليهود، وعلى أهل إيليا أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن -يقصد مدن فلسطين-، على أن يخرجوا منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم فهو آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن وعليه مثل ما على أهل إيليا من الجزية، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم، ويخلي بيعتهم وصليبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعتهم وصليبهم حتى يبلغوا مأمنهم، ومن كان فيها من أهل الأرض، فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على إيليا من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أرضه، فإنه لا يؤخذ منه شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمته، وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليه من الجزية. شهد على ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان. كتب وحضر سنة خمس عشرة (محير الدين: الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل، ج1، ص: [253]).
وعلى ذلك نجد ان القدس قانونا وتاريخا حل لكل مسلم ومسيحي لكنها محرمه على اليهود كشرط اشترطه المسيحيين على العرب عند تسليم المدينة ..
اذن فان القدس مدينة تخص المسلمين والمسيحيين كافة على وجه الارض لكن سيادتها وحكمها وملكيتها تظل اسلامية عربية
لكننا نتغافل ونتصنع الجهل حتى اذا جد الجد واحتدمت الامور ادعينا انه امر ليس لنا به شأن بل هو شأن فلسطيني .
لا والله ما كان امر القدس امرا خالصا لفلسطين طرفة عين وليس من حقهم ان ارادوا جدلا ان يتنازلوا عنها والا كان من حق ال سعود مثلا ان يتنازلوا عن الحرمين او ان يهدموا ما شاءوا منهم وهو عبث لا يجادل في مثله احد
القدس اسلامية عربية وهو حق ابلج لا يتبارى فيه خصمان ولا ينتطح فيه عنزان
أفيقوا يرحمكم الله ولعل الله يحدث بعد ذلك امرا
وائل جنيدى